يشكّل شح المياه في دولة الإمارات العربية المتحدة مشكلةً كبيرة يمكن لكل مؤسسة وكل فرد المساهمة في حلها. حيث يمكن للشركات أن تلعب دوراً هاماً في ذلك من خلال تقليل استهلاك وهدر المياه. فإلى جانب كونه التصرف المسؤول في مثل هذه الحالة، هو يسهم أيضاً في توفير التكاليف وخلق انطباع جيد داخل المجتمع. فيما يلي ما يحتاج مديرو المباني إلى معرفته والقيام به.
تحديات شح المياه
تعتبر القضايا المتعلقة بالمياه في دولة الإمارات مثالاً تقليدياً للفجوة بين العرض والطلب والتي تسببت في تفاقم المشكلة. وقد صنف تقرير للبنك الدولي صدر عام 2017 دولة الإمارات لتكون الدولة الخامسة الأكثر جفافاً في العالم، حيث بلغ معدل هطول الأمطار السنوي فيها 78 ملم فقط.
وفي الوقت نفسه، تعد من بين أعلى 30 دولة من حيث معدل استهلاك الفرد للمياه. ويتزايد الطلب أكثر مع ارتفاع استهلاك المياه في دبي كل عام من 2016 إلى 2022 ومن المرجح أن يساهم النمو السكاني وارتفاع مستوى المعيشة في استمرار هذا التوجه. كما تلعب رغبة السكان وحاجتهم للمساحات الخضراء في بيئات العمل والسكن دوراً في ذلك أيضاً. ففي حين أن مثل هذه المساحات تعلب دوراً حيوياً في ضمان الرفاهية، إلا أن المحافظة عليها يتطلب استهلاك المزيد من المياه.
وتشكل تلبية هذا الطلب تحدياً من نوعٍ خاص. حيث يأتي حوالي نصف مياه دولة الإمارات من مصادر المياه الجوفية التي تشهد مستوياتها انخفاضاً. وتأتي نسبة 42 في المائة أخرى من برامج تحلية المياه. وهي طريقة فعالة، إلا أنها تستهلك الكثير من الطاقة وبالتالي تستنزف الموارد الثمينة.
ومع استمرار شح المياه، يبقى الهدر مشكلةً كبيرة تواجه الشركات والأفراد على حدٍّ سواء.
لماذا يجب على الشركات اتخاذ إجراءات لحل المشكلة؟
إن الحد من استهلاك المياه وتجنب الهدر هو ببساطة التصرف المسؤول الذي يجب على الشركات القيام به للمساهمة في حل هذه المشكلة الوطنية. إلا أن ذلك لا يشكل السبب الوحيد للقيام بذلك.
بالنسبة للشركات التي تتبع الاستهلاك المقنن، يمكن أن يكون لتقليل الاستهلاك تأثير كبير على النتائج المالية للشركة. والذي ينطبق بشكلٍ خاص على العدادات "الذكية" التي تتيح للشركات تتبع الاستخدام في الوقت الفعلي، ورؤية منافع التغييرات على الفور أو تلقي تنبيهات حول أي تسريبات محتملة.
كما يعد الاستخدام المسؤول للمياه من بين التغييرات البيئية التي يمكن أن تقوم بها الشركات لجذب المستهلكين. حيث كشف استطلاع تم إجراؤه في 2022 شمل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والكويت أن 76 بالمائة من المستهلكين صرحوا بأنهم يفضلون الشراء من الشركات التي تعمل على تعزيز الاستدامة، في حين كان 68 بالمائة منهم على استعداد للدفع أكثر مقابل منتجات الشركات المماثلة.
كيف يمكن لشركات إدارة المرافق المساعدة في ذلك؟
لحسن الحظ، لن تحتاج لمواجهة مشكلة شح المياه بمفردك في حال قررت ذلك، حيث يقدم خبراء إدارة المرافق مجموعة من الخدمات للمساعدة في ذلك:
عمليات تدقيق المياه
يمكن أن تقدم عمليات تدقيق المياه نظرة مفصلة على الاستخدام الحالي للمياه، وكيف يقارن هذا الاستهلاك بالمؤسسات الأخرى ذات المباني المماثلة، كما يمكن أن تقترح طرقاً لتقليل الاستهلاك.
إدارة مياه الصرف الصحي
حتى مع استخدام أحدث التقنيات والمعدات، لا يمكن للشركات والمباني تجنب إنتاج مياه الصرف الصحي. وللحد من ذلك، يمكن لشركات إدارة المرافق إدارة ومعالجة مياه الصرف الصحي بطريقة مسؤولة. ومن خلال استخدام طرق مستدامة لمعالجة المياه يمكن بنجاح معالجة وإعادة استخدام جزء كبير من المياه المستخدمة في المباني ضمن عملية إدارة مياه الصرف الصحي.
الترقية والتحديث
يمكن ترقية وتحديث المعدات الحالية من أجل تقليل استخدام المياه دون الحاجة إلى تحديث أو إعادة بناء المرافق. إذ يمكن على سبيل المثال للمهندسين إضافة آليات طرد مياه منخفضة التدفق إلى المراحيض تعمل على تقليل استخدام المياه دون المساومة على الأداء. وفي الوقت نفسه، يمكن للصنابير ورؤوس دشات الاستحمام الهوائية خلط الهواء بالماء من أجل تقليل استخدام المياه دون أن يلاحظ المستخدمون أي تغير في ضغط التدفق.
أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء
تعتبر أنظمة التبريد من المصادر الشائعة لزيادة استخدام المياه في المباني التجارية في دولة الإمارات. وتعمل الصيانة المنتظمة على استمرار عمل هذه الأنظمة بكفاءة أكبر لفترة أطول، مما يقلل بشكلٍ كبير من استهلاك المياه. وعندما يحين الوقت الذي تصل فيه هذه الأنظمة إلى نهاية عمرها الافتراضي، فإن استبدالها بأنظمة حديثة أكثر كفاءة يعد استثماراً حكيماً طويل الأمد، سواءً كان ذلك من حيث توفير المال أو المسؤولية البيئية.
كشف التسريبات
لطالما كانت مراقبة الأنابيب بحثاً عن أي تسريبات عملية يدوية تتطلب الكثير من الأيدي العاملة، إلا أن التكنولوجيا الحديثة أتاحت القيام بذلك بطريقة أكثر تطوراً ودقة. حيث يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي المتصلة بالشاشات تحليل أنماط التدفق والتمييز بسرعة بين الاختلافات الطبيعية والمؤشرات التي تشير إلى وجود مشكلة تتطلب معاينة أقرب. كما يمكنها تحديد موقع التسرب بدقة، مما يقلل من التأخير في الكشف عن المشاكل وإصلاحها.
عملية ري أذكى
يمكن لشركات إدارة المرافق مشاركة خبراتهم في اقتراح حلول مبتكرة، لا سيما من خلال التركيز على الصورة الأكبر لشركة ما. على سبيل المثال، يمكن لأنظمة الري الذكية التي تنظم استخدام المياه وتوصل المياه فقط للأماكن التي تحتاجها بدلاً من الرش العشوائي أن تحد من استخدام المياه بشكلٍ كبير، وكذلك استخدام المياه "الرمادية" من المغاسل في دورات مياه الموظفين والتي يمكن إعادة تدويرها لري المساحات الخضراء. ومن خلال اتباع الطريقة الصحيحة، لن يكون هناك حاجة للقلق بشأن الملوثات أو متطلبات التخزين على المدى الطويل.
تثقيف مستخدمي المبنى
دعونا لا ننسى دور العنصر البشري في حل هذه المشكلة. حيث يمكن لخبراء إدارة المرافق المساعدة في تطوير برامج لتثقيف الموظفين حول طرق أكثر كفاءة لاستخدام المياه وتقليل الهدر أينما أمكنهم ذلك. ولا يقتصر سر نجاح مثل هذه البرامج على محتواها فحسب، بل أيضاً على كيفية كتابتها وإيصالها بحيث تكون فعالة وجذابة وتعمل على ترسيخ الرسائل الأساسية لمثل هذه البرامج في أذهان المتلقين. وغالباً ما يتم استخدام مثل هذه البرامج التثقيفية جنباً إلى جنب مع ملصقات في دورات المياه والمطابخ المشتركة، بالإضافة إلى حملات تواصل أوسع للتوعية بأهم القضايا.
الخلاصة
يمكن القول إن المياه تشكل أثمن مواردنا الطبيعية، إلا أن العرض المحدود والطلب المتزايد على هذا المورد في دولة الإمارات يعني ضرورة اتخاذ إجراءات للحد من هدره. ويمكن للشركات القيام بدورها في ذلك من خلال تقليل استهلاك المياه، وأن تكون قدوة حسنة، وتعمل على جذب العملاء المهتمين بالبيئة مع خفض التكاليف في نفس الوقت.
لحسن الحظ، هناك الكثير من الحلول المتاحة لهذه المشكلة، وبعضها سيكون أكثر ملاءمة وعملية لشركتك من غيرها. ويمكن لشركات إدارة المرافق مساعدتك في تحديد أفضل الحلول والطرق للبدء باتخاذ إجراءات لحل المشكلة وإحداث تغيير حقيقي في شركتك.
للتحدث إلى أحد خبراء إمداد حول أفضل طريقة مستدامة للتقليل من استهلاك المياه أو إدارة مياه الصرف الصحي في المبنى الخاص بك، تواصل معنا.